مصر النهاردة

يحاول نجوم الكوميديا اللجوء إلى أساليب كثيرة ومتعدّدة لإضحاك المشاهد وانتزاع ضحكاته ولو بالقوة، مستخدمين في ذلك كل الحيل والابتكارات للحصول على صيغة كوميدية محبوبة لدى الناس. ومن أبرز الطرق التي يلجأ إليها الكثير من فناني الكوميديا الذكور، تقديم أدوار نسائية. إذ يظهرون في شخصية امرأة تكون قبيحة في معظم الأحيان، لا يلتفت إليها الرجال. وإن كانت هذه الظاهرة موجودة منذ زمن على الشاشة، إلا أنّها انتشرت كالفطر في السنوات الأخيرة. ويجدها نجوم الكوميديا من أكثر الأساليب إضاحكاً للمشاهد. ولم يعد تقديم الشخصية النسائية يقتصر على مجرد مشهد صغير في أحداث الفيلم. بل إنّ الممثل الذكر يشارك في بطولة فيلم، حيث يجسّد شخصية نسائية. وهذا ما حصل مع محمد هنيدي في "يا أنا يا خالتي" الذي حاول فيه تقليد إدي مورفي في فيلم "بيغ ماماز هاوس"، مع فارق وحيد أنّ الممثل الأميركي أبدع في أداء الشخصية وقدم أجزاءً عدة من العمل في حين أنّ دور هنيدي كان أقرب إلى التهريج.

نقص في الممثلات
لا يعتبر تقديم ممثلين ذكور لأدوار نسائية حالة جديدة أو طارئة على الفن العربي. لقد درجت هذه العادة في الأعمال الخليجية حين كان هناك نقص في عدد الممثلات، فكانت تتم الاستعانة بفنانين رجال ليؤدوا الأدوار النسائية في المسلسلات والمسرحيات الخليجية. ولعل عبد العزيز النمش كان أشهر ممثل خليجي قدم أدواراً نسائية في الخليج.
أيضاً، قدّم الكوميدي الكبير الراحل اسماعيل ياسين أدواراً نسائية في فيلمه الشهير "الآنسة حنفي". وكذلك الأمر بالنسبة إلى ابراهيم نصر الذي كان من أوائل الممثلين المصريين الذين جسّدوا أدواراً نسائية من خلال شخصية زكية زكريا التي كان يقدمها كفقرة في أحد البرامج الكوميدية ثم قدّم فيلماً كاملاً بعنوان "زكية زكريا في البرلمان".

هم وهنّ!


على رغم قيام عدد كبير من الممثلين العرب بتقديم شخصيات نسائية، إلا أنّ قلّة قليلة منهم استطاعت جعل هذه الشخصيات حالةً فنيةً مرتبطة بالجمهور على عكس إدي مورفي. لقد أبدع هذا الأخير في دور المربّية في فيلم "بيغ ماماز هاوس" التي باتت شخصية شهيرة ومحبوبة لدى الجمهور. وكذلك الحال بالنسبة إلى جون ترافولتا الذي قدّم دوراً نسائياً مميزاً في فيلم "هيرسبراي" حيث جسّد شخصية امرأة بدينة. وكان الممثل الأميركي يمضي أكثر من أربع ساعات يومياً حتى يتحول إلى امرأة، وكانت كل ملامحه تدلّ على أنّه امرأة بعدما أشرف "ماكير" خاص على هذه العملية. في حين أنّ الفنانين العرب ممن لعبوا أدواراً نسائية، اعتمدوا على أنفسهم في التحوّل إلى نساء. هكذا، اكتفى نساء ولكن رجال! هنيدي بباروكة وفستان نسائي حين جسّد شخصية امرأة في أفلام عدة منها "جاءنا البيان التالي"، و"صاحب صاحبه" و"يا أنا يا خالتي"، وأشرف عبد الباقي في "رشة جريئة"، وهاني رمزي وماجد المصري في "فرقة بنات وبس"، ومحمد سعد في فيلميه "عوكل" و"55 إسعاف".


نجومية فاديا الشراقة وظاهرة باسم فغالي
في لبنان، استطاع فادي رعيدي تقديم شخصية نسائية نالت اعجاب الجمهور المحلي ولاقت نجاحاً كبيراً. وتم استغلال هذه الشخصية في أعمال عدة، فقدم رعيدي برنامجاً تلفزيونياً يدور حول شخصية فاديا الشراقة، استضاف فيه سياسين وفنانين ومشاهير. وكان الممثل الكوميدي صرّح سابقاً أنّه استوحى تلك الشخصية من بنات أفكاره لكنّها أيضاً مزيج من نماذج النساء الموجودة في المجتمع.
كذلك، يعتبر باسم فغالي أشهر فنان رجل قدّم الكثير من الشخصيات النسائية من خلال اسكتشاته التي شاهدناها في الحفلات والسهرات. إذ يجيد تقليد الفنانات، إضافةً إلى شخصية "مدام انتيكا" التي يجسدها ببراعة واتقان. كما سبق أن قدم فوازير "ألف ويلة بليلة". ولا يكتفي فغالي بوضع باروكة على شعره والقليل من أحمر الشفاه خلال تجسيد شخصياته النسائية. هو يستخدم تقنيات عالية في المكياج والتنكر لتقديم تلك الشخصيات وخصوصاً الفنانات. وهنا، يبرع كثيراً نساء ولكن رجال! في تقليد شخصية الفنانة صباح. بل سبق أن صرح قبل بداية تصوير مسلسل "الشحرورة" أنّه كان يتمنى أنّ يجسد هو شخصية "الصبوحة".
وعلى رغم اعتماد الممثلين الرجال على تجسيد دور رجالي في أفلامهم من أجل إضحاك الجمهور، إلا أنّهم يبلغون حد التهريج حين يقدّمون نماذج لنساء مسترجلات وقبيحات لا يقع أحد في غرامهن.
يذكر أنّ عادل إمام وسمير غانم قدما أيضاً أدواراً نسائية. فيما لعبت الراحلة سعاد حسني ونادية لطفي دورين رجاليين في فيلم "للرجال فقط".