هل وقعتِ في حب من هو أصغر منك سنا؟






عندما نسير في هذه الحياة، نلتقي في كل يوم بأشخاص جدد، وقد تمر من أمامنا كل الوجوه لننساها بمجرد غيابها عنا حتى يحدث في إحدى المرات أن يعلق وجه ما في أذهاننا وتبقى ذكراه ملحة علينا حتى إن غادرنا، ونضبط أنفسنا في شوق لرؤياه مرة أخرى والاستمتاع بصحبته... وهكذا نقع في الحب!
لكن ما العمل إذا اكتشفت أن الشخص الذي وقعت في حبه يصغرك سنا، كأن تكونا زميلين في الجامعة مثلا، لكنك تسبقينه بعام أو أكثر؟!

الكثير من الفتيات يخفن خوض مثل هذه التجربة، وإذا حدث ووجدن أنفسهن في مثل هذا الموقف يتوترن ويقلقن من نظرة الآخرين لهن، ومن الأعراف والتقاليد والمفاهيم السائدة في مجتمعاتنا الشرقية، والتي تقضي بأن يكون الرجل أكبر سنا من المرأة ولو بشهور قليلة، حتى تكون له القيادة والسيطرة في العلاقة!

لكن دعينا من كل هذا الهراء، فالأعراف والتقاليد والمفاهيم البالية التي ملأ من سبقونا بها رأسنا ليست سوى أمور وضعها بشر مثلنا، ويمكننا تعديلها بل وتجازها بالكامل إذا أردنا وتحلينا بالشجاعة والإرادة والرغبة في أن نعيش حياتنا كما نريد وليس كما يرسمها لنا الآخرون.



لكن إذا نظرنا من الناحية الدينية مثلا، سنجد أنه لا يوجد مانع على الإطلاق في ارتباط امرأة برجل أصغر منها سنا دون أن يسيء ذلك لأي من الطرفين. وأبرز مثال على ذلك زواج سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وهو شاب في سن الخامسة والعشرين من السيدة خديجة رضي الله عنها، وهي من كانت يومها في الأربعين من عمرها، لكن الحب الطاهر الذي جمع بين قلبيهما، وثقة كل منهما في نفسه أولا وفي الطرف الآخر ثانيا لم يدعا مجالا لفارق السن لكي يفسد العلاقة بينهما.

فهل أجمل أو أكمل من هذا مثلا نقتدي به في حياتنا؟ وحتى إذا نزلنا إلى أرض الواقع التي نحيا عليها اليوم وقلنا ليس بيننا الآن من هو في عقل ورجاحة محمد صلى الله عليه وسلم ولا من هي في حكمة ورؤية خديجة، فهل من المنطقي أن ندع علاقاتنا الإنسانية الراقية يتحكم فيها عامل غير مرئي وغير مؤثر في التعامل كعامل السن خاصة إذا كان الفارق طفيف وغير ملحوظ؟؟ وهل من العقل قبل أن تترك أي فتاة مشاعرها ترتبط بشخص ما أن تطلب منه أولا إخراج البطاقة الشخصية لمراجعة خانة تاريخ الميلاد والتأكد من كونه أكبر منها وليس أصغر سنا؟؟!!




إنه أمر يثير السخرية بالتأكيد، وهو ما حاول الشاعر المصري الشاب أحمد عاطف مجاهد أن يعبر عنه بمنتهى التلقائية وباللهجة العامية المصرية، فقال:

الدنيا قايمة ومش قاعدة

عشان حبيبتي أكبر مني

دا الحب مالوش أبدا قاعدة

الحب قلب بيفهمني

مش بابا يا ماما أكبر منك

وساعات بتحسي إنه ابنك؟؟

وتقولي أبوك عقله صغير

طب ليه دلوقتي معارضني؟!!

وحتى إذا وجدتِ أن ضربنا مثالا بزواج نبينا محمد بالسيدة خديجة هو قمة التعجيز لكونه نموذجا مثاليا قد لا يسهل أبدا تكراره في عصرنا الحديث نظرا لعظمة هاتين الشخصيتين واستحالة تواجد مثلهما بيننا، دعيني اضرب لك مثلا آخر لا يقارن أبدا بالمثل الأول، لكنه يؤكد حقيقة واحدة وهي أن الحب الحقيقي لا يقف فارق السن في طريقه أبدا لو تواجدت الإرادة الحقيقية بين المحبين، وأن المادية والسرعة اللتين تتحكمان في كل شيء اليوم لم تهزما الحب في كل الأحوال، وهذا المثال الذي نتحدث عنه هو الزواج الناجح القائم منذ حوالي 6 سنوات بين النجمة الهوليودية الشهيرة ديمي مور وزوجها الممثل الشاب الوسيم آشتون كوتشر رغم أن الزوجة أكبر بـ 15 عاما كاملة!

إذن ففارق السن بين المرأة والرجل لم يكن أبدا سببا في ضياع الحب الحقيقي إذا وجد بينهما، وذلك منذ فجر التاريخ وحتى الآن، وبين الشخصيات المثالية العظيمة، أو حتى الأشخاص العاديين في وقتنا الحالي.

الأمر كله يعتمد على ثقتك في نفسك أولا وعلى شخصية من تحبين ثانيا، فيجب عليه أن يكون مثلك لا يرى حرجا في الارتباط بفتاة أكبر عمرا، ولا يخشى من مواجهة المجتمع وكل الانتقادات التي ستوجه له من أهله وأصدقائه، كما يجب أن يتحلى بشخصية عاقلة تسبق عمره وأن يجعلك تعتمدين عليه وترين فيه رجلا حقيقيا يستحق حبك.

أما أنت فإذا أردت أن تنجح علاقتكما ويستمر حبكما، عليك أن تنسي تماما أنك الأكبر سنا والأكثر خبرة وتجربة في الحياة، وكوني في عينيه دائما الأنثى الرقيقة الحنونة الضعيفة التي تحتاج لحبه وحمايته ومشورته.

0 komentar:

Posting Komentar